في بلدية الجديد بولاية الجلفة، هزت قضية الأمة. عُثر على عمر بن عمران، الذي كان من المفترض أنه مات منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا، حيًا بعد أن اختطفه جاره لمدة 28 عامًا. تم اكتشاف عمر، الذي كان يبلغ من العمر 16 عامًا وقت اختفائه في عام 1996، مختبئًا في زنزانة قذرة تحت الأرض، مدفونًا تحت طبقات من القش في سقيفة آسره.
تسبب هذا الاكتشاف المروع في صدمة لا توصف داخل المجتمع وأثار ألمًا هائلاً بين المقربين منه. استمرت محنة عمر قرابة ثلاثة عقود، محبوسًا في هذا المخبأ المظلم، محرومًا من الحرية والكرامة.
وأمر قاضي التحقيق بالمجلس القضائي بالجلفة، بالإيداع المؤقت لستة أشخاص، من بينهم المشتبه فيه الرئيسي، فيما تم وضع اثنين آخرين تحت المراقبة القضائية. وبحسب البيان الصحفي الرسمي، تتم محاكمة المتهم الرئيسي بتهمة الاختطاف والحبس غير القانوني والاتجار بالبشر مع ظروف مشددة لاستغلال ضعف الضحية. وتتم محاكمة المتهمين الآخرين لعدم الإبلاغ عن الحقائق.
تفاصيل الاعتقالات وسير القضية:
وأوضح البيان الصحفي الصادر عن المجلس القضائي بالجلفة أن المتهم الرئيسي يواجه اتهامات بارتكاب جرائم خطيرة، بما في ذلك الاختطاف والاحتجاز دون ترخيص قانوني، فضلا عن الاتجار بالبشر في ظروف استغلال ضعف الضحية. ويعاقب على هذه الأفعال القانون عدد 2000 المؤرخ في 30 ديسمبر 2020 المتعلق بالوقاية من جرائم الاختطاف ومكافحتها، وكذلك القانون رقم 04-23 المؤرخ في 7 ماي 2023 المتعلق بالوقاية ومكافحتها من الاتجار بالبشر.
وتتم محاكمة المتهمين الآخرين لعدم إبلاغ السلطات المختصة بالجرائم، كما يقتضي القانون. وبعد استجوابهم، أمر قاضي التحقيق بالحبس الاحتياطي للمتهمين الستة الرئيسيين، الذين تم التعرف عليهم بالأحرف الأولى من أسمائهم (BA، BS، BH، BM، BJ، BT)، فيما تم وضع (BH) و (YL) قيد المراجعة القضائية .
العودة إلى قضية عمر بن عمران
التفاصيل المحيطة بقضية عمر بن عمران تستحق فيلماً سينمائياً. في عام 1996، اختفى عمر، الذي كان يبلغ من العمر 16 عامًا، في ظروف غامضة، تاركًا عائلته في حالة من اليأس. لسنوات، لم يكن هناك أي دليل على ما حدث له، وقد فقد الكثيرون الأمل في العثور عليه على قيد الحياة.
وكشف الاكتشاف الصادم الأخير أن عمر قد تم عزله لمدة 28 عامًا في زنزانة تحت الأرض مخبأة في سقيفة جاره. كان هذا الزنزانة، المموه بشكل بدائي تحت طبقات من القش، مكان الاعتقال الذي حرم فيه عمر من الحرية والكرامة لمدة ثلاثة عقود تقريبًا. وتفاقمت معاناة عائلة بن عمران بفقدان كلب عمر المخلص، الذي عثر على جثته بالقرب من الزنزانة، ربما مسمومة أو مخنوقة.
وبدأت الشائعات حول بقاء عمر تنتشر في بلدية الجديد، وعززتها شبكات التواصل الاجتماعي. وزعمت هذه الشائعات، التي نقلها شخص مقرب من الخاطف، أن عمر لا يزال يعيش في المنطقة. وفي نهاية المطاف، ثبتت صحة هذه الادعاءات، مما أكد آمال أولئك الذين رفضوا تصديق وفاته.
وكان الخاطف رجلاً يبلغ من العمر 60 عامًا، وهو موظف حكومي يعيش بمفرده وأعزب وليس لديه أطفال. هذا الرجل المعروف بعزلته، تمكن من إخفاء جريمته لسنوات، تحت أنظار جيرانه والسلطات.
كان إطلاق سراح عمر بمثابة معجزة بالنسبة لعائلته، فرغم أن والدته توفيت عام 2007، إلا أنها لم تعد قادرة على تحمل غياب ابنها. وتثير هذه الحالة المأساوية تساؤلات عميقة حول الطبيعة البشرية والدوافع التي يمكن أن تدفع الفرد إلى ارتكاب مثل هذا العمل اللاإنساني. كيف استطاع عمر أن ينجو من هذه المحنة؟ لماذا لم يكتشف أحد هذا الزنزانة عاجلاً؟
يواصل المحققون العمل لفهم دوافع الخاطف وإعادة بناء تسلسل الأحداث. إن قصة عمر بن عمران، على الرغم من كونها مأساوية، إلا أنها تعتبر أيضًا شهادة قوية على الصمود والأمل. على الرغم من المحن التي مر بها، أصبح عمر حرًا في النهاية.