يعد المولد النبوي في كل عام مناسبة فرح واجتماع للمجتمع الإسلامي في جميع أنحاء العالم. لكن في الجزائر، يتميز هذا المهرجان الديني بآفة خطيرة: الاستخدام السيء للألعاب النارية ومنتجات الألعاب النارية.
يعتبر المولد النبوي، الذي سيقام يوم 14 سبتمبر 2024، عيدا ذا أهمية روحية كبيرة بالنسبة للمسلمين. لسوء الحظ، غالبًا ما يرتبط هذا الاحتفال بالاستخدام غير المنضبط للمفرقعات والألعاب النارية، وهي العادة التي أصبحت خطيرة.
وخلال يوم تحسيسي نظم يوم 12 سبتمبر 2024 بالمعهد الوطني للصحة العمومية، أبرز وزير الصحة عبد الحق السايحي حجم هذه الظاهرة. وسلط الوزير، برفقة ممثلين عن وزارة الداخلية والشؤون الدينية والحماية المدنية، فضلا عن مختلف الخبراء، الضوء على العواقب الخطيرة لهذه الممارسة.
وفي كل عام، يعاني المئات من الجزائريين، وخاصة الأطفال، من حروق شديدة أو بتر أطراف أو فقدان القدرات الحسية بسبب استخدام هذه المنتجات النارية.
في عام 2023، تم علاج خدمات الطوارئ 70 حالة الحوادث المرتبطة بالألعاب النارية، بما في ذلك 5 كانت خطيرة بشكل خاص.
تُظهر هذه الحوادث اتجاهاً مثيراً للقلق: فالمنتجات المستخدمة في البداية للاحتفال بعطلة دينية أصبحت مصدراً للألم والمأساة للعديد من العائلات.
العواقب المدمرة لحوادث الألعاب النارية
يمكن أن يتسبب استخدام الألعاب النارية والمفرقعات النارية في حدوث إصابات خطيرة للغاية، وغالبًا ما يقلل عامة الناس من آثارها. قام الدكتور بشاري محمد، كبير الممارسين العامين في مستشفى زرالدة للحروق والصحة والسلامة، بتفصيل أنواع الإصابات التي يمكن أن تسببها هذه المنتجات.
“الحروق الناجمة عن المنتجات النارية يمكن أن تكون خطيرة للغاية” قال. “يمكن أن تفقد أذنك أو عينك أو تعاني من حروق شديدة في الجلد. »
تطلق منتجات الألعاب النارية أيضًا غازات سامة يمكن أن تسبب مضاعفات خطيرة في الجهاز التنفسي عند استنشاقها.
وذكر الدكتور بشاري حالات ملموسة، مثل حالة طفل يبلغ من العمر ست سنوات، فقد ثلاثة أصابع أثناء تعامله مع “قنبلة مزدوجة” نارية.
غالبًا ما يكون هذا النوع من الصدمات الجسدية مصحوبًا بعواقب نفسية كبيرة، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يمكن أن يظلوا ندوبًا مدى الحياة. يمكن أن تتطلب الآثار الجمالية والوظيفية سنوات من العلاج الطبي وإعادة التأهيل، وأحيانًا دون تحقيق الشفاء التام على الإطلاق.
بالإضافة إلى الإصابات الفورية، يمكن أن تشمل مضاعفات الحروق التهابات خطيرة وحتى تسمم الدم عند علاجها بالطرق التقليدية غير المناسبة، مثل وضع معجون الأسنان أو الأعشاب المطحونة على الجلد المحروق.
هذه العلاجات، على الرغم من أنها متجذرة في بعض المعتقدات الشائعة، غالبًا ما تؤدي إلى تفاقم حالة الضحية وتأخير الرعاية الطبية المناسبة.
جرحى المولد النبوي: ما هي المبادرات التي تم اتخاذها؟
وأمام هذا الوضع المقلق، عززت وزارة الصحة بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات الأخرى جهودها للوقاية من هذه الحوادث من خلال التوعية.
خلال يوم التوعية الذي تم تنظيمه في وقت سابق من هذا الشهر، أشار الخبراء إلى التدابير الأساسية التي يجب اتخاذها في حالة حدوث حروق: تبريد المنطقة المصابة على الفور تحت الماء لمدة 15 إلى 20 دقيقة، وتجنب استخدام العلاجات المنزلية غير المعالجة، واستشارة الطبيب المركز دون تأخير.
كما ذكر وزير الصحة، عبد الحق السايحي، بأن كافة الهياكل الاستشفائية على أهبة الاستعداد لاستقبال ومعالجة ضحايا هذه الحوادث.
وشدد على الدور الحاسم للحماية المدنية، ليس فقط في إنقاذ المصابين، ولكن أيضًا في تنفيذ حملات توعية حول مخاطر هذه الممارسات، خاصة بين الأطفال.
كما شارك المعهد الوطني للصحة العمومية في هذه المبادرات من خلال بث فيديوهات تعليمية، لا سيما بمداخلة الدكتور بشاري، لشرح المخاطر وإجراءات الإسعافات الأولية في حالة وقوع حادث. وتهدف هذه الحملات إلى الحد من استخدام الألعاب النارية وتشجيع الاحتفالات الأكثر أمانًا.
المفرقعات النارية ومنتجات الألعاب النارية الأخرى: عادة متجذرة بين الجزائريين؟
وعلى الرغم من أن جهود التوعية ساعدت في تقليل عدد الحوادث إلى حد ما، إلا أن الطريق إلى احتفال آمن تمامًا لا يزال طويلاً.
تواجه السلطات الجزائرية تحديا كبيرا: تغيير العقليات والعادات الراسخة لدى السكان. ولتحقيق ذلك، من الضروري إشراك جميع الجهات الفاعلة في المجتمع، بما في ذلك وسائل الإعلام والمعلمين والسلطات الدينية.
ودعا وزير الصحة إلى مواصلة التعبئة الإعلامية لدعم القطاع الصحي في جهوده التوعوية. بالإضافة إلى ذلك، شجع العائلات على مناقشة مخاطر هذه المنتجات مع أطفالهم والترويج لبدائل أكثر أمانًا للاحتفال بالمولد النبوي. لا ينبغي أن تكون التقاليد مرادفة للخطر؛ ويمكن إعادة اختراعها لتعكس قيم السلام والأمن واحترام الحياة.
من الضروري أن ندرك المخاطر التي تشكلها الألعاب النارية في احتفالاتنا. وللسلطات والمهنيين الصحيين ولكل مواطن دور يلعبه في ضمان أن يتم هذا الاحتفال دون حادث أو حزن.