الشيخة حسينة: زعيمة متناقضة في بنغلاديش
الشيخة حسينة واحدة من أبرز الشخصيات السياسية في بنغلاديش، حيث أشرفت على فترة طويلة من التقدم الاقتصادي والاستقرار في البلاد. ومع ذلك، فإن حكمها لم يكن خالياً من الجدل والانتقادات، إذ يتهمها البعض بالتحول إلى الاستبداد وقمع المعارضة. في هذا المقال، سنتناول مسيرة الشيخة حسينة السياسية، إنجازاتها، والانتقادات التي وُجهت إليها، وصولاً إلى الأحداث الأخيرة التي أدت إلى استقالتها المفاجئة.
الصعود إلى السلطة
الخلفية العائلية والنشأة
ولدت الشيخة حسينة في عام 1947 لعائلة مسلمة في شرق البنغال، وكانت السياسة جزءاً لا يتجزأ من حياتها منذ البداية. والدها، الشيخ مجيب الرحمن، كان زعيم الحركة الوطنية الذي قاد بنغلاديش إلى الاستقلال عن باكستان في عام 1971، وأصبح أول رئيس للبلاد. اغتيل والدها مع معظم أفراد عائلته في انقلاب عسكري عام 1975، ولم تنج سوى حسينة وشقيقتها حيث كانتا في الخارج.
العودة إلى بنغلاديش والزعامة السياسية
بعد فترة من المنفى في الهند، عادت الشيخة حسينة إلى بنغلاديش في عام 1981 وأصبحت زعيمة حزب رابطة عوامي، الحزب الذي أسسه والدها. انضمت إلى أحزاب سياسية أخرى في تنظيم احتجاجات مؤيدة للديمقراطية ضد الحكم العسكري، وسرعان ما أصبحت رمزاً وطنياً.
الإنجازات والنجاحات
التطور الاقتصادي
تحت قيادتها منذ عام 2009، شهدت بنغلاديش تقدماً اقتصادياً ملحوظاً. تضاعف دخل الفرد ثلاث مرات خلال العقد الماضي، وتم انتشال أكثر من 25 مليون شخص من براثن الفقر. قطاع الملابس، الذي يمثل الغالبية العظمى من صادرات بنغلاديش، كان المحرك الرئيسي لهذا النمو، حيث توسع بسرعة ليمد الأسواق في أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا.
مشاريع البنية التحتية
نفذت حكومة الشيخة حسينة مشاريع بنية تحتية ضخمة، منها جسر بادما الذي تبلغ تكلفته 2.9 مليار دولار عبر نهر الجانج، والذي يُعد من أبرز إنجازاتها.
الانتقادات والجدل
التحول إلى الاستبداد
رغم النجاحات الاقتصادية، اتهمت حسينة بالتحول إلى الاستبداد. في السنوات الأخيرة، شهدت بنغلاديش حملات قمع ضد المعارضة السياسية، واعتقالات واسعة لقادة الحزب الوطني البنغلاديشي، وحالات اختفاء قسري وقتل خارج نطاق القضاء. كما انتقد المنتقدون انتخاباتها المتتالية، واعتبروها غير نزيهة.
حقوق الإنسان
أعربت جماعات حقوق الإنسان عن قلقها إزاء الانتهاكات المستمرة، بما في ذلك فرض قيود على حرية الصحافة وحقوق الإنسان. نفى الحكومة هذه الاتهامات، لكنها واجهت انتقادات واسعة من المجتمع الدولي.
الأحداث الأخيرة والاستقالة
الاحتجاجات الطلابية
في الأسابيع الأخيرة، واجهت بنغلاديش احتجاجات واسعة قادها الطلاب، بدأت بالمطالبة بإصلاحات في نظام الخدمة المدنية، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة واسعة ضد الحكومة. تصاعدت الاحتجاجات إلى اضطرابات مميتة، مما شكل تهديداً كبيراً لحكم الشيخة حسينة.
الاستقالة والمغادرة
في خطوة مفاجئة، استقالت الشيخة حسينة من منصبها وغادرت البلاد بعد أن اقتحم آلاف المتظاهرين مقر إقامتها الرسمي في دكا. فرت إلى الهند بطائرة هليكوبتر، مما أنهى فترة حكمها التي استمرت لأكثر من 20 عاماً.
خاتمة
تعتبر قصة الشيخة حسينة تجسيداً للتناقضات التي يمكن أن تواجهها القيادة السياسية. بين الإنجازات الاقتصادية البارزة والاتهامات بالاستبداد، تركت حسينة بصمة لا تمحى في تاريخ بنغلاديش. ومع استقالتها، يبقى مستقبل البلاد غير مؤكد، مع آمال في تحقيق ديمقراطية أكثر شمولية وعدالة اجتماعية أكبر.